غاية المؤمنين الأرضية بناء دولة مؤمنة عادلة عزيزة، من سمات عزتها شهادتها على الأمم، ومن تمام شهادتها نموذجيتها في كل جانب من جوانب الحياة الفردية: حسن خلق وجمال سمت ولياقة ولباقة وحضارة. "جمالُ النفس المومنة وطمأنينتُها يتجلى في سيما الوجوه الساجدة المنورَةِ، وفي جمال السلوك الخلُقِيِّ من صبر جميل، وصفح جميل، وسَرَاح جميل، وهجر جميل كما جاء في القرآن. وينبغي للمجتمع الإيمانيِّ أن يكتسي بالسَمْتِ الجميل والمظهر الكريم النظيف. لا تَرَفَ ولا زخرفة، لكن المظهرُ اللائقُ البسيطُ، الجميلُ ببساطته وبما ينِمُّ عنه من جمالٍ في الباطن. في الحديث: "إن الله جميلٌ يجب الجمال". فيرَبَى النشءُ على دوام الطهارة والنظافة، والسواك، والتطيب، والعناية بخصال الفطرة من شعر وأظفار. ويُرَبَوْنَ على لُبس اللباس البسيط الأنيق بلا ترف ولا تَشَبّه بالكفار ولا تكبر، وعلى ترك الزينة الحرام، وعلى الكلمة الطيبة، والحياء والوقار، والبِشْرِ الدائم والابتسامة المشرقة، وكلمة السلام عليكم، وتشميت العاطس إلى سائر ما فصلته السنة النبوية من جماليات وآداب... روى أبو داود رحمه الله بسند حسن عن أبي الدرداء رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه: "إنكم قادمون على إخوانكم. فأصْلِحوا رِحالَكم، وأصلِحوا لباسكم حتى تكونوا شامةً بين الناس. وإنَّ الله لا يُحب الفُحْشَ ولا التَفَحُّشَ".
والفحش هنا بمعنى الغِلظة والجفاء في المظهر. ألا وإننا حَمَلَةُ رسالة سماوية، فلنَبْرُزْ لِلناس بصورة جذابة، ولنَكُن شامةً بين الأمَم نُلْفِتُ الأنظارَ بجمال خُلُقِنا وأفعالنا ومظهرنا."