مرت سنة بالتمام الكمال على ما اقترفته العصابة الصهيونية من حرب وقتل ودمار في حق سكان غزة الأباة ومقاومتها الصلبة الصامدة.. مرت سنة كاملة على الحرب البربرية التي شنها المرتزقة الصهاينة ضد القطاع المحاصر برعاية أمريكية سافرة، وبدعم من النظام العربي الفاسد، والمنتظم الدولي المتواطئ.
تحل علينا الذكرى الأولى لهذه الحرب القذرة والحال هو الحال والوضع هو الوضع بل يزداد سوءا وقتامة، فالحصار الدولي لا يزال مستمرا، والخذلان العربي الرسمي لا يزال ساريا وفي مقدمته حصار الجارة مصر، لم يَكْفِ مصر كل ذلك العار الذي لحق بها أثناء الحرب على غزة حينما أصرت على الاستمرار في إغلاق معبر رفح رغم أن شعبا كان خلفه يُذََّبح ويُقَتَّل ولا متنفس له إلا ذلك المعبر، فكان ذلك الإصرار الغريب على الإثم والعدوان أشد وأنكى على القلب والنفس لأنه يحصل من بني جلدتنا، أضف إلى ذلك موقفها المتحيز لطرف فلسطيني دون آخر، ومنعها لقوافل التضامن مع غزة وآخرها قافلة "شريان الحياة 3"، لم يكف "أم الدنيا" و"الشقيقة الكبرى" كل هذه الخطايا لتفاجئنا بالخطيئة الكبرى التي تعد أكثر إيلاما، وذلك حينما أعلنت عن بناء الجدار الفولاذي العازل والذي تبرره بحماية أمنها. كذبوا! إنما هو لحماية الكيان العنصري الغاصب وضمان أمنه وسلامته. خيانة ما بعدها خيانة.
تحل علينا الذكرى الأولى وأصوات المطبعين ترتفع في عالمنا العربي البائس، لم يمنعهم عن ذلك طفل فقد حنان الأب، ولا امرأة فقدت سكن الزوج، ولا أب فقد فلذة الكبد بكل تلك الوحشية والسادية التي شاهدها العالم، لم يمنعهم الدمار والخراب والدماء والأشلاء فاستقبلوا قادة الكيان الصهيوني القاتل بالأحضان، وما فعلة ابن وزير الخارجية المغربي حين استقبل الإرهابية تسيبي ليفني عنا ببعيد، وما هرولة بعض المنتمين إلى الحركة الأمازيغية يقودهم "أحمد الدغرني" لتطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني عنا ببعيد مع أن أغلب إخواننا الأمازيغ ضد التطبيع، وما التطبيع الرسمي الذي يمر تحت الطاولة أيضا عنا ببعيد.
لكن ورغم كل ذلك، رغم المؤامرات والدسائس، رغم كيد الكائدين ومكر الماكرين وتحالف قوى البغي والظلم والاعتداء من عرب وعجم، فإن غزة بسكانها ومقاومتها لا زالت عزيزة شامخة عالية لتكون بحق مدرسة في الصمود والثبات والعزة، وتبقى مصر والدول العربية رموزا للفساد والخيانة والخنوع.
ماذا بعد؟
يجب أن لا تنسينا الدماء والأشلاء والتنديد والتضامن البحث عن موطن الخلل ومكمن الداء الذي بجعلنا في هذا الحال من الهوان والذلة، لنبحث عن العلاج والدواء.
كثيرا ما يستفزني حديث بعض النخبة من علماء ومفكرين حينما يُسألون عن الداء والدواء فلا تجد إلا سرد ما تسمعه في نشرات الأخبار، وحديثا فضفاضا عن قوة الكيان الصهيوني والدعم الدولي المقدم له، وترويجا لنظرية "المؤامرة"، هذه التبريرات تنم عن دراسة غير واعية للواقع، وعن عجز كبير يبحث معه العاجز عن مخبأ يحتمي فيه، كما قال بنو إسرائيل لموسى عليه السلام: ﴿ قالوا يا موسى إن فيها قوما جبارين وإنا لن ندخلها حتى يخرجوا منها فإن يخرجوا منها فإنا داخلون﴾ . هل يجب أن ننتظر كما قال بنو إسرائيل أم نعمل ونعد العدة؟!.
حينما نبرر هزائمنا بمثل هذه المبررات، ونُقنع أنفسنا بهذه التفسيرات فنحن ننسى أن سنة الله تقتضي وجود الحق والباطل والخير والشر، ومن طبع الباطل والشر أن يكيدا للحق والخير، كما من طبع العدو أن يكيد لعدوه، فإن أسقطنا هذا من حسابنا واستكنا إلى "نظرية المؤامرة" فلن نجد الفرصة للتشخيص الدقيق والحقيقي للداء.
الداء ليس قوة الكيان الصهيوني والدعم المقدم له، الداء ليس "المؤامرة" لأن الاقتناع بذلك يعني الاستسلام وانتظار المُخَلِّص.
الداء هو ضعفنا وعجزنا وهواننا وذلتنا التي تجعل كل من هب ودب يتطاول علينا، ما الذي يجعل الغرب يدوس على كل الحريات حينما تكون هناك قضية لها صلة بالكيان الغاصب، هل يستطيع فرنسي مثلا أن يشكك في "الهولوكوست"؟ يستحيل لأن "المتابعة" في انتظاره، ولتذهب حرية التعبير التي يتغنوا بها إلى الجحيم فالأمر له علاقة بالمدللة "إسرائيل".
ضعفنا وعجزنا وهواننا وذلتنا وليس شيء آخر هي التي تجعل أولئك الرسامين وغيرهم يتطاولون على مقدساتنا باسم حرية الرأي والتعبير، هل قدَرنا أن نظل على هذا الحال وحينما تُمس مقدساتنا وتُنتهك حرماتنا من دولة معينة نرفع شعار قاطعوا بضائع هذه الدولة، فمرة دعوة إلى مقاطعة الدانمارك، وأخرى إلى مقاطعة سويسرا، وثالثة إلى مقاطعة إيطاليا، وهلم مقاطعة! لا يعني ذلك أنني ضد المقاطعة لكن إلى متى سنظل هكذا؟ لماذا لا نبحث عن الداء لنجد الدواء ونبدأ العمل واتخاذ الأسباب، والله يتولى النتائج.
الداء المزمن في اعتقادي هو حكام الهزيمة هؤلاء الذين يشكلون حائلا وعائقا مزمنا ضد أي بعث جديد للأمة والذين يُسخرون إمكانياتها ومقدَّراتها لحماية كراسيهم ومصالحهم، الداء في اعتقادي هو هذه الأنظمة الشمولية الاستبدادية التي تحكم العرب والمسلمين بقبضة من حديد ولا تراعي فيهم إلا ولا ذمة.
ولا تحرير لفلسطين ولا نهضة للبلاد العربية والإسلامية إلا بتحريرها من هذه الأنظمة الفاسدة ومن حكام السوء هؤلاء، وانتخاب حكام يختارهم الشعب ليستمعوا لنبضه لا لنبض الهواتف والتعليمات والمصالح، وبعد ذلك تناقش التفاصيل، أما دون ذلك فسيبقى الحال كما هو عليه بل سيزداد سوءا.
قد يعتبر البعض هذا الحل حالم وعقبة في حد ذاته، لكنه يبقى المدخل والمفتاح لأن أي حركة في اتجاه تقدم الأمة ستصطدم بهؤلاء الحكام.
أحبتنا في غزة الكرامة قلوبنا معكم، دعواتنا لكم، والله معكم، وهو حسبنا وحسبكم ونعم الوكيل.
تحل علينا الذكرى الأولى لهذه الحرب القذرة والحال هو الحال والوضع هو الوضع بل يزداد سوءا وقتامة، فالحصار الدولي لا يزال مستمرا، والخذلان العربي الرسمي لا يزال ساريا وفي مقدمته حصار الجارة مصر، لم يَكْفِ مصر كل ذلك العار الذي لحق بها أثناء الحرب على غزة حينما أصرت على الاستمرار في إغلاق معبر رفح رغم أن شعبا كان خلفه يُذََّبح ويُقَتَّل ولا متنفس له إلا ذلك المعبر، فكان ذلك الإصرار الغريب على الإثم والعدوان أشد وأنكى على القلب والنفس لأنه يحصل من بني جلدتنا، أضف إلى ذلك موقفها المتحيز لطرف فلسطيني دون آخر، ومنعها لقوافل التضامن مع غزة وآخرها قافلة "شريان الحياة 3"، لم يكف "أم الدنيا" و"الشقيقة الكبرى" كل هذه الخطايا لتفاجئنا بالخطيئة الكبرى التي تعد أكثر إيلاما، وذلك حينما أعلنت عن بناء الجدار الفولاذي العازل والذي تبرره بحماية أمنها. كذبوا! إنما هو لحماية الكيان العنصري الغاصب وضمان أمنه وسلامته. خيانة ما بعدها خيانة.
تحل علينا الذكرى الأولى وأصوات المطبعين ترتفع في عالمنا العربي البائس، لم يمنعهم عن ذلك طفل فقد حنان الأب، ولا امرأة فقدت سكن الزوج، ولا أب فقد فلذة الكبد بكل تلك الوحشية والسادية التي شاهدها العالم، لم يمنعهم الدمار والخراب والدماء والأشلاء فاستقبلوا قادة الكيان الصهيوني القاتل بالأحضان، وما فعلة ابن وزير الخارجية المغربي حين استقبل الإرهابية تسيبي ليفني عنا ببعيد، وما هرولة بعض المنتمين إلى الحركة الأمازيغية يقودهم "أحمد الدغرني" لتطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني عنا ببعيد مع أن أغلب إخواننا الأمازيغ ضد التطبيع، وما التطبيع الرسمي الذي يمر تحت الطاولة أيضا عنا ببعيد.
لكن ورغم كل ذلك، رغم المؤامرات والدسائس، رغم كيد الكائدين ومكر الماكرين وتحالف قوى البغي والظلم والاعتداء من عرب وعجم، فإن غزة بسكانها ومقاومتها لا زالت عزيزة شامخة عالية لتكون بحق مدرسة في الصمود والثبات والعزة، وتبقى مصر والدول العربية رموزا للفساد والخيانة والخنوع.
ماذا بعد؟
يجب أن لا تنسينا الدماء والأشلاء والتنديد والتضامن البحث عن موطن الخلل ومكمن الداء الذي بجعلنا في هذا الحال من الهوان والذلة، لنبحث عن العلاج والدواء.
كثيرا ما يستفزني حديث بعض النخبة من علماء ومفكرين حينما يُسألون عن الداء والدواء فلا تجد إلا سرد ما تسمعه في نشرات الأخبار، وحديثا فضفاضا عن قوة الكيان الصهيوني والدعم الدولي المقدم له، وترويجا لنظرية "المؤامرة"، هذه التبريرات تنم عن دراسة غير واعية للواقع، وعن عجز كبير يبحث معه العاجز عن مخبأ يحتمي فيه، كما قال بنو إسرائيل لموسى عليه السلام: ﴿ قالوا يا موسى إن فيها قوما جبارين وإنا لن ندخلها حتى يخرجوا منها فإن يخرجوا منها فإنا داخلون﴾ . هل يجب أن ننتظر كما قال بنو إسرائيل أم نعمل ونعد العدة؟!.
حينما نبرر هزائمنا بمثل هذه المبررات، ونُقنع أنفسنا بهذه التفسيرات فنحن ننسى أن سنة الله تقتضي وجود الحق والباطل والخير والشر، ومن طبع الباطل والشر أن يكيدا للحق والخير، كما من طبع العدو أن يكيد لعدوه، فإن أسقطنا هذا من حسابنا واستكنا إلى "نظرية المؤامرة" فلن نجد الفرصة للتشخيص الدقيق والحقيقي للداء.
الداء ليس قوة الكيان الصهيوني والدعم المقدم له، الداء ليس "المؤامرة" لأن الاقتناع بذلك يعني الاستسلام وانتظار المُخَلِّص.
الداء هو ضعفنا وعجزنا وهواننا وذلتنا التي تجعل كل من هب ودب يتطاول علينا، ما الذي يجعل الغرب يدوس على كل الحريات حينما تكون هناك قضية لها صلة بالكيان الغاصب، هل يستطيع فرنسي مثلا أن يشكك في "الهولوكوست"؟ يستحيل لأن "المتابعة" في انتظاره، ولتذهب حرية التعبير التي يتغنوا بها إلى الجحيم فالأمر له علاقة بالمدللة "إسرائيل".
ضعفنا وعجزنا وهواننا وذلتنا وليس شيء آخر هي التي تجعل أولئك الرسامين وغيرهم يتطاولون على مقدساتنا باسم حرية الرأي والتعبير، هل قدَرنا أن نظل على هذا الحال وحينما تُمس مقدساتنا وتُنتهك حرماتنا من دولة معينة نرفع شعار قاطعوا بضائع هذه الدولة، فمرة دعوة إلى مقاطعة الدانمارك، وأخرى إلى مقاطعة سويسرا، وثالثة إلى مقاطعة إيطاليا، وهلم مقاطعة! لا يعني ذلك أنني ضد المقاطعة لكن إلى متى سنظل هكذا؟ لماذا لا نبحث عن الداء لنجد الدواء ونبدأ العمل واتخاذ الأسباب، والله يتولى النتائج.
الداء المزمن في اعتقادي هو حكام الهزيمة هؤلاء الذين يشكلون حائلا وعائقا مزمنا ضد أي بعث جديد للأمة والذين يُسخرون إمكانياتها ومقدَّراتها لحماية كراسيهم ومصالحهم، الداء في اعتقادي هو هذه الأنظمة الشمولية الاستبدادية التي تحكم العرب والمسلمين بقبضة من حديد ولا تراعي فيهم إلا ولا ذمة.
ولا تحرير لفلسطين ولا نهضة للبلاد العربية والإسلامية إلا بتحريرها من هذه الأنظمة الفاسدة ومن حكام السوء هؤلاء، وانتخاب حكام يختارهم الشعب ليستمعوا لنبضه لا لنبض الهواتف والتعليمات والمصالح، وبعد ذلك تناقش التفاصيل، أما دون ذلك فسيبقى الحال كما هو عليه بل سيزداد سوءا.
قد يعتبر البعض هذا الحل حالم وعقبة في حد ذاته، لكنه يبقى المدخل والمفتاح لأن أي حركة في اتجاه تقدم الأمة ستصطدم بهؤلاء الحكام.
أحبتنا في غزة الكرامة قلوبنا معكم، دعواتنا لكم، والله معكم، وهو حسبنا وحسبكم ونعم الوكيل.